س: كيف تصف الوضع في غزة؟
ج : الوضع في القطاع يمر بكارثة أنسانية وسياسية. وضعت 'حماس' لنفسها هدفا غير مجدٍ وعبّأت عناصرها على أساس أن التحرير والجهاد يبدآن وينتهيان بالسيطرة على السلطة في غزة وأعمال السيف برقاب من تسميهم 'الكفرة'. حصل ذلك. ماذا بعد؟ الآن 'حماس' ليس قادرة على أن تكون مقاومة وغير قادرة على أدارة ثلاثمئة وستين كيلومترا مربعا هي مساحة القطاع. كل الشعارات التي كانت تنادي بها وهي في المعارضة، تتورط الآن في تنفيذ ما هو عكسها بطريقة أسوأ مما كانت عليه السلطة السابقة.
س: ماذا يعني ذلك عملياً؟
ج : يعني ذلك أن 'حماس' تعيش من دون هدف. تتورط بالدم الفلسطيني الذي لم يتورط به أي فصيل وطني في تاريخ النضال الفلسطيني الممتد منذ عشرات السنين. وفي الوقت ذاته. هناك ما هو أخطر من ذلك كله. أن هجرة الفلسطينيين من فلسطين، خصوصا من غزة، لم تشهد مثل هذه النسبة المرتفعة منذ العام 1948. هذه الهجرة هي لرجال الأعمال والشباب المتعلم خصوصا. وهذا يشكل خطرا على المستقبل الفلسطيني ككل.
في الماضي كانت 'حماس' تدعي أن سبب سوء الأوضاع في غزة هو محمد دحلان... ثم الأمن الوقائي... ثم لا أدري ماذا. الآن يحكمون غزة بالدم المسال الذي لن ينساه الشعب الفلسطيني. في الوقت ذاته، لا تؤمّن 'حماس' الحد الأدنى للمواطن الفلسطيني. كنا على حق عندما كنا نقول أن أدارة عشر روضات للأطفال وبضعة مؤسسات أجتماعية ليس كتحمل مسؤولية شعب تحت الحصار والأحتلال بكل حاجاته. من وجهة نظري، وصلنا الآن ألى ما كنت أقوله وأحذر منه على الدوام وذلك ليس على خلفية شخصية.
س : ما العمل الآن؟
ج : علينا تحديد مواصفات الوضع الذي آلت أليه غزة قبل طرح مثل هذا السؤال. الوضع القائم يمكن وصفه بالآتي: للأسف الشديد، أن المستفيد الوحيد من أحتلال 'حماس' لغزة هو أسرائيل. للمرة الأولى منذ سنوات طويلة يحصل فصل سيلسي وأقتصادي وجغرافي بين الضفة وغزة. حاولت أسرائيل ذلك منذ ما يزيد على عشر سنوات ولم تنجح. هذه المرة نجحت بفضل 'حماس'. الوحدة السياسية بين الضفة وغزة لم تعد قائمة عملياً.
س : ما الذي ستفعله أنت؟
ج : لن اعمل شيئاً. أستقلت من موقعي التنفيذي كمستشار لشؤون الأمن القومي. سأتابع عملي في المجلس التشريعي الذي أنا عضو فيه، هذا أذا بقي المجلس التشريعي. كذلك سأتابع مهماتي كعضو في 'فتح'. تصديت على الدوام للمهمات الصعبة وسأبذل قصارى جهدي للتخفيف من معاناة الناس ولكن ليس من موقع رسمي.
س: أليس لديك نقد للذات، خصوصا بعد تحميلك مسؤولية الفشل الفتحاوي في غزة؟
ج : نعم، أني ألوم نفسي لأني لم أفعل ما فيه الكفاية من أجل كشف حقيقة 'حماس' وخطورتها، علما بأني كنت أعرف ذلك جيدا منذ ما قبل أن تتأسس الحركة. أكتشف الجمهور العربي المخدوع حقيقة الحركة الآن، كما أكتشفها الجمهور الفلسطيني الذي أغرته شعارات 'حماس' للحظة. أعتقد أن الجمهور العربي كشف مسلسل الكذب التراكمي ل'حماس' بعد ممارساتها الدموية وهذا الفساد الأخلاقي والسياسي والمالي والأجتماعي.
س : كيف تتصور المستقبل؟
ج : في المدى المنظور، أقصد خلال عام أو عام ونصف عام، لا أتوقع أنفراجا سياسيا على الصعيد العام أو على الصعيد الفلسطيني. المشكلة تكمن في أن 'حماس' لا تعترف بأنها أخطأت. الأخوان المسلمون لا يعترفون بأخطائهم. أعطني شخصا واحدا من الأخوان قدّم اعتذارا عن خطأ أرتكبه وذلك في تاريخ حركة الأخوان المسلمين. مهدي عاكف (قيادي في الأخوان في مصر) قال قبل شهر أن الأخوان لا يعتذرون. هذا جزء من فلسفتهم. اليوم تدرك 'حماس' أنها قتلت وظلمت وأنحرفت عن كل تعاليم الأسلام وقيمه ويعترف أعضاؤها بذلك في المجالس الخاصة، لكنهم يقولون بعد ذلك أننا لم نخطئ. كل ما طلبه منهم 'ابو مازن' هو الأعتذار كي تكون عودة ألى الوضع السابق، لكن 'حماس' لا تعترف بأنها أخطأت. أنها لا تستطيع ذلك.
س : هل تتوقع شيئا من المؤتمر الدولي الذي دعت أليه الأدارة الأميركية في الخريف؟
ج : على الصعيد السياسي، لا أتوقع من المؤتمر المقبل أن يحقق أختراقات جدّية على الرغم من أن ذلك ممكن في حال توافرت الأرادة السياسية لدى الأدارة ألأميركية. وهذا يعني أن تبدأ المفاوضات حيث أنتهينا في طابا أواخر العام 2000 وبداية العام 2001.